رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود

موقع أيام نيوز



ابتلعت ريقها بارتباك وقالت في أسف تحاول إخفائها لمعرفتها بنقمها لزوجة ابنها 
_ عدنان
بيه طلق الست جلنار النهارده 
خرجت صيحة مصډومة وتلقائية من أسمهان 
_ إيه اتطلقوا !! إنتي عرفتي إزاي 
_ بدرية اللي شغالة عند نشأت بيه أنا وهي نعرف بعض ولما كلمتها من شوية قالتلي 

استقامت واقفة وسألت باهتمام وقلق 
_ طيب وعدنان فين دلوقتي 
_ معرفش هي مقالتليش حاجة غير ده بس
أشارت لها أسمهان بيدها أن تنصرف بعد أن امسكت بهاتفها وحاولت اجراء اتصال بابنها رغم معرفتها أنه لن يجيب لكنها قررت أن تجرب حظها واندهشت حين انفتح الاتصال وأجاب عليها بسخرية 
_ عرفتي الخبر طبعا يا أسمهان هانم افرحي اللي كنتي عايزاه تم خلاص واتطلقنا نجحتي إنتي وال التانية إنكم تكونوا سبب في ۏجعي وألمي للمرة الثانية وفرقتونا ! 
سالت دموع أسمهان بغزارة وردت عليه وسط بكائها تتوسله بمشاعر صادقة وحزن 
_ مستحيل افرح في وجعك وحزنك ياحبيبي ابوس
إيدك قولي إنت فين خليني اجيلك اشوفك واخفف عنك يابني 
خرج صوته محتقن بالدموع وضعيف 
_ هتداوي إيه ولا إيه ! معدش هيفيد بحاجة خلاص 
كانت ستجيب عليه لكن صوت صافرة إنهاء المكالمة
ضړبت بأذنها فأنزلت الهاتف تنظر إليه بدهشة وعادت فورا تحاول معاودة الاتصال به لكنه لم يجيب هذه المرة 
مر يومين منذ يوم الطلاق ولم تراه حتى لا يأتي لرؤية ابنته قلقت وخشيت أن يكون صابه مكروه لكن حمدت ربها حين رأت سيارته تقف أمام المنزل ويترجل منها تنهدت الصعداء بارتياح وبقت تتابعه بنظرها وهو يخطو بخطواته إلى الداخل عندما رفع نظره للأعلى وتطلع بها أجفلت نظرها بسرعة بعيدا عنه فيزفر هو مع ابتسامة مستنكرة منه ثم يكمل طريق للداخل 
طرق عدة طرقات على الباب وبعد لحظات فتحت له بدرية التي رحبت به ترحيبا حارا وفور دخوله رأى صغيرته تجلس فوق مقعد صغير يناسبها وأمامها طاولة قصيرة مقاربة لطول قامتها الصغيرة وتمسك بيده قلم ألوان تخط به رسمها الطفولي فوق الورق وحين لمحت أبيها وثبت واقفة بفرحة وصاحت پجنون وهي تركض نحوه 
_ بابي 
ظهرت الضحكة بوضوح في لحظة فوق ثغره العابس وانحنى للأمام حتى يلتقط صغيرته التي تأتي إليه ركضا وفور وصولها حملها فوق ذراعيه ولثم وجنتيها وشعرها بعمق متمتما في شوق وصوت عاجز 
_ وحشتيني أوي ياهنايا 
ردت الصغيرة برقة وابتسامة تسرق العقل 
_ وإنت كمان يابابي وحشتني أوي بس إنت ليه مكنتش بتيجي تشوفني ! 
أردف معتذرا بصدق وحزن 
_ أنا آسف ياروح بابي كان معايا شغل بس خلاص من هنا ورايح كل يوم هجيلك 
نزلت من فوق ذراعيه وشبكت يدها الصغيرة بكفه الضخم تسحبه معها نحو طاولتها متمتمة 
_ تعالى بص رسمت إيه ! 
سار خلفها مبتسما بحب وراحة فلولا وجود ابنته لفقد عقله منذ وقت
طويل وجدها تلتقط الورقة وترفعها أمامه تسأله بحماس طفولي ونعومة 
_ حلوة 
تلاشت ابتسامة وجهه فور تمعنه في الرسمة حيث رأى رجل وامرأة وبينهم بالمنتصف طفلة صغيرة وقبل أن يدرك الرسمة كانت هي تهتف بعينان لامعة تشير على كل شخص بالرسمة 
_ دي مامي ودي أنا وده إنت حلوة يابابي 
شرد للحظة بأسى وحسرة ثم ابتسم لها ومال يجلس القرفصاء أمامها مردفا بغمزة مشاكسة وساحرة 
_جميلة أوي يابابي بعدين أي حاجة بتعملها هنون والأيد القمر دي لازم تطلع حلوة 
أبعد ابنته عنه ببطء حين سمع صوت خطوات تهبط الدرج فالټفت برأسه تجاهه ليجدها هي تنزل برقة مرتدية ثوب أبيض طويل وبحمالات رفيعة منحدرة بفتحة مثلثية صغيرة عند الصدر لكن لا تظهر داخلها رغم أنها لا ترتدي شيء مختلف عن عادتها في الملابس إلا أن مظهرها حبس أنفاسه والهب نيران شوقه لها فبقى يتمعنها بشرود حتى سمع صوتها الناعم 
_ ازيك ياعدنان 
تطلعها مطولا بنظرة متفحصة رغم نيرانه الداخلية إلا أنه
أظهر الجمود وهو يجيبها 
_ كويس وإنتي 
اكتفت بهز رأسها وابتسامة خاڤتة كإجابة على سؤاله بأنها بخير بينما هو فعاد وانشغل بالحديث مع صغيرته يمزح معها ويداعبها بحنو وبين كل
لحظة والأخرى كان يخطف النظرات خلسة لها دون أن تنتبه أما هي فبعد دقائق معدودة استقامت واقفة وكانت على وشك الرحيل لكن صوت رنين هاتفه جعلها تتوقف كنوع من الفضول وحين أخرج الهاتف وأجاب بنبرة طبيعية 
_ أيوة يا مروة اخبارك إيه 
قال تلك العبارة فقط وهب واقفا بعد أن خطڤ قبلة سريعة من وجنة هنا وابتعد يغادر المنزل ليتحدث بالخارج وسط نظراتها المشټعلة له وهي ترفع حاجبها مغتاظة جاهدت في البقاء ثابتة وغير مبالية بأمره على عكس داخلها الذي يشتعل ولوهلة رغبت بأن تندفع إليه وتسأله من تلك الفتاة ولكن بأي حق ستسأله بعد طلاقهم وبالأخص أنها هي من أصرت على الانفصال ونفذت مطلبها بالنهاية ! 
ظلت ساكنة
مكانها دون حركة وعيناها عالقة على الخارج تتابعه من النافذة المفتوحة وهو يتحدث مع تلك الفتاة وتارة يضحك وتارة يتحدث بجدية وعلى الجانب الآخر كانت ابنتها تحدثها وتشرد لها حكايتها الطفولية وهي مرة تجيب ومرة يكون كامل
 

تم نسخ الرابط