رواية جوازة ابريل الجزء الثاني بقلم نورهان محسن من 1 الي 10

موقع أيام نيوز

ريحة الدخان .. والله يسامحها علي اللي عملته
قالت جملتها الأخيرة مع تنهيدة مستسلمة فأطرقت تقى رأسها نحو الأسفل وتمتمت بهمس مضحك مليء بالاستياء ماهي معملتش كدا من فراغ يا اهل قريش
تساءلت سلمى التي كانت منشغلة قليلا بالنظر إلى محتويات الطاولة قبل أن تستمع إلى همهمة غير مفهومة من خلفها فتدير وجهها نحوها باستياء بتبرطمي بتقولي ايه!
هندمت تقى حجابها بتوتر ورسمت ابتسامة بلهاء على وجهها لتجيبها بالكذب ممزوج بالقلق في قراقيش عملتها بإيدي ولسه سخنة اجيب منها لحضرتك مع لشاي!
برقت عيناى سلمى بإشتهاء وكادت تجيب بالموافقة لكنها تذكرت الحماية الغذائية الخاصة بها فقالت بتبرم لا مش عايزة .. روحي علي شغلك
تقى بإبتسامة مرحة تمام يا مدام سلمي .. حلو كدا!!
تأففت سلمى بضجر من تلك المشاكسة الصغيرة وأشارت لها بالمغادرة متمتمة بتذمر والله معرفش مين اللي شغال عند التاني في البيت دا هتجننوني خلاص
غادرت تقي بخطوات مهرولة لكن قبل أن تدخل المطبخ شعرت بالهاتف يهتز في جيب تنورتها وتبادر إلى ذهنها خطيبها حسن مما جعلها تلقي نظرة سريعة على والدتها في المطبخ قبل أن تسحبه من جيبها.
نظرت تقى إلى الشاشة وعقدت حاجبيها متعجبة من رؤية هذا الرقم الغريب فقررت أن تتلقى المكالمة بسرعة قبل أن تلاحظها والدتها السلام عليكم .. مين معايا
أتاها من الطرف الأخر صوت رجولى واثق أجش وعليكم السلام .. انا احمد ابن خال ابريل
فى مكانا ما داخل مدينة دبى
_داغر باشا
قالها أحد الحراس باحترام وهو يسير بخطوات متوازنة في أرض خضراء واسعة.
استدار نحو مصدر الصوت رجل بملامح حنطية تتصف بالجاذبية والرجولة الطاغية يحمل مضرب الغولف ويرتدي ملابس رياضية بيضاء تبرز جسده العضلي الطويل ذو لحية خفيفة ټخطف أنفاسه ليحدق فى الحارس بعيون عسلية بها لمحة لا بأس بها من الخضار تتميز بنظراتها الحادة التى تبث الخۏف فى من يتطلع بهم ليقف على بعد خطوتين منه وهو يمد يده إلى سيده بالهاتف فأشار إليه داغر بطرف عينه ففهم الآخر الإشارة فأعطاه سماعة سوداء ليضعها خلف أذنه ثم جعل الحارس يغادر على الفور بحركة من يده.
_ها ايه اخر الاخبار ابن الشندويلي زمانه بيلف حوالين نفسه مش كدا!
قالها مستفسرا بصوت ثقيل خطېر ممزوج بالسخرية والشماتة وعلى وجهه ابتسامة جانبية.
أتاه الرد بصوت رجولى شديد الثقة تعليمات سعادتك اتنفذت بالحرف يا باشا ومحدش في البلد الا وشاف وسمع عن الڤضيحة
_اها .. وايه كمان
تمتم بها داغر مثبتا عينيه الثاقبتين على الحفرة الضيقة التي على بعد أمتار قليلة منه بينما الرجل يستكمل حديثه بجدية بلغنا الصبح وصول مصطفي التربلسي من السفر واللي منتظره زمانه بيحصل دلوقتي ومحدش هيقدر يعرف مين ورا الشوشرة دي
_كمان شركة الشندويلي والترابلسي كل ساعة بتمر اسهمهم نازلة واحنا متقدمين عنهم كتير
استمع إليه بتركيز شديد وكانت الريح تلعب بشعره الأسود وهو يضرب الكرة بالعصا بمهارة وتدحرجت بسرعة إلى الحفرة فاتسعت على فمه ابتسامة منتشية انتصارا تحولت إلى ضحكة رجولية جذابة ترددت صداها فى الملعب قبل أن يهمس بأسف ساخر العروسة شكلها قدمها نحس علي الاتنين..
تغيرت لهجته إلى نبرة جدية آمرة مما يدل على قوة الشخصية المسيطرة والشرسة التي يتميز بها هذا الرجل الخطېر اسمع تفضل متابع كل تحركاتهم .. عايز كل معلومة صغيرة وتفصيلة عن حياة اصغر واحد لأكبر واحد كل حاجة سامعني!!
لم ينتظر رده بل تابع محذرا اياه بقسۏة ومش محتاج افكرك مش عايز اي مجال للغلط وترجعلي في كل تصرف .. مفهوم كلامي يا عزام
نطق عزام بطاعة آلية مفهوم سعادتك
خاطب داغر نفسه بنبرة ماكرة مشحونة بالتوعد وهو يضع مضرب الغولف على كتفه دا مجرد تسخين يا ابن الشندويلي .. لسه مابدأتش معاك الماتش
خفض نظره إلى الهاتف وأضاء خلفية الشاشة ليكشف عن صورة فأخذ يتمعن النظر إليها عن كثب ولمعت عيناه بشوق شديد بزغ في صوته الهامس بثقة هانت كلها فترة بسيطة وهنبقي مع بعض ومفيش قوة هتبعدني عنك ولا حد هيخرجك من حضڼي
عند هالة
مد يده إليها بالهاتف الذي أخرجه من جيب بنطاله الخلفي قائلا بنبرة بطيئة جامدة خدي اقرأي وهتفهمي يا دكتورة
قرأت هالة الخبر بعينين متسعتين من الصدمة وهي تضع أطراف أصابعها على ثغرها وسرعان ما رفعت رأسها من الهاتف لتنظر إلى ياسر بتساؤل واستنكار ايه العك دا !
رفع ياسر منكبيه في إشارة إلى افتقاره إلى المعرفة بينما التقط الهاتف منها بهدوء وتحدث ببرود والله اسألي اخوكي
هزت هالة رأسها بالنفي عاقدة ساعديها أمام صدرها متكلمة بعدم تصديق الحكاية مش زي ماهي مكتوبة .. قطعا الكلام دا متفبرك!!
ارتفع جانب فمه بابتسامة تنضح بالإستهزاء من ثقتها فى الحديث بدون دليل بينما ضيقت عينيها وهي تفكر في كلامه عن أخيها وأبريل وتابعت باستفسار مفعم بالريبة وانت كنت تقصد ايه باستخفاف واستهتار مننا!! ايا كان المكتوب عنهم .. بس اللي حصل ليلة امبارح دا مكنش بإيد حد .. يعني كنا نسيبها ټموت مثلا ولا ايه
ألقت سؤالها بدهشة شديدة منه فأومأ إليها بالسلب وابتسم بعصبية ثم صاح بسخرية مليئة بالتوبيخ لا ازاي!! انما ماجاش علي بالك شكلي هيبقي ايه قدام اهلي وحفلة خطوبتنا بتبوظ بالمنظر دا
كان السخط واضحا في صوته فواصل حديثه مشيرا نحو نفسه يليه إلى الهاتف بسبابته وانا ابررلهم بإيه الكلام المكتوب عن اخوكي دا .. ومش اول مرة تطلع عليه اشاعات وفضايح
رفعت هالة حاجبيها مع تعبير يملأه التعجب من إهانته الصريحة لأخيها فزمت شفتيها لتكبح لسانها من الرد القاسې الذي كاد أن يفلت منها على هذا الحشو الفارغ الذى يتفوه به مستفسرة بنفاذ صبر انت عايز توصل بالكلام دا!! وليه متعصب عليا كل العصبية دي
رد ياسر عليها بصوت حاد لأن بسبب انا اخوكي بقيت محطوط في موقف سخيف قدام اهلي
صمتت لثواني معدودة ولم تنكر أنها شعرت بالحزن وهناك نغزة آلم إستهدفت قلبها من جملته فوجهت له سؤالا بترقب ممتزج بالجمود واخويا ايه دخلو باللي بيني وبينك!
شعرت هالة بغصة مريرة تتشكل فى حلقها وهي تنطق بهذه العبارة حيث طرأ في ذهنها سؤال زاد من الألم في قلبها فهل أعاد النظر في خطوبتهم ويريد الآن الانفصال عنها بحجة هذه الكلمات المنشورة عن شقيقها
الطريقة التي يتحدث بها أوحت لها بأنه يرغب فقط أن يلقى اللوم عليها ومن الواضح أنه نسي فعلته الأصلية فى حقها لذا يجب عليها تذكيره وما الفائدة من تأجيل ما تنوي قوله له عليها حسم هذا الأمر حتى يعرف كليهما على أي أرض يرتكزان
لم تمنحه فرصة للرد إذ رفعت أنفها بكبرياء وإلتمعت عيناها الزرقاوان الداكنتان پغضب بارد وأخذت نفسا عميقا ثم تابعت بنبرة جادة اذا في حد كان عنده استهتار واستخفاف بالتاني فهو انت يا دكتور..
في المستشفي
داخل غرفة ابريل
أفرج سراح جفنيه بتثاقل بعد أن كان مغمضا عينيه للحظات يستعيد رباطة جأشه ليواصل الحديث بصبر مع هذه الشخصية العنيدة وصعبة المراس ليسخر من الوضع المقلوب تماما حيث كان عليها أن تكون مكانه الآن وتطلب منه الصفح عما فعلته وتوريطه في خدعتها السخيفة ولكن كيف سيحتال على ذاته إذا كانت هي التي وضعت حجر الأساس لهذه الكذبة فهو من بنى قصة مزيفة وجعل منهما أبطالها ولهذا السبب يطلقون عليه ملك الأكاذيب لكن ترى متى ستسدل ستار النهاية لهذه المسرحية حقا لا يعلم.
تطلع باسم إليها وهو يزفر بهدوء قبل أن يسألها بترقب حاسة انك هديتي شوية وقادرة تكلمي
نظرت أبريل إليه بحاجب مرفوع لترد على سؤاله بسؤال بصوتها الهامس مبحوح هقول ايه معنديش حاجة أقولها
قالت ابريل العبارة الأخيرة بإيجاز مقتضب بينما تبعد نظرها الحاد عنه فسحب نفسا عميقا ثم خاطبها بصوت لين مليئا بالحذر طيب خليني اكلم انا واسمعيني .. بس من غير انفعال
تململت ابريل بتوتر على السرير دون أن تجيب وتطلعت أمامها بتعبيرات واجمة فهم منها أنها لا تحبذ فتح أي نقاش معه.
برم باسم فمه وهو يفرك ذقنه بإرتباك وحيرة من صمتها شاردا بأفكاره في حركاتها الجافة التي تقصد استفزازه بها أو بالأحرى أنها كانت تثير ضجره حتى ينصرف لكن هذا الأمر مستبعد في الوقت الحاضر لذلك فضل التحلى بالصبر عليها فإن الشدة لا تنفع في كل حال ليسحب نفسا عميقا ثم زفره على مهل وهو يقول بصوت دافيء خلاص لو مش قادرة مش هضغط عليكى .. انا مقدر الحالة اللي انتي فيها ومش عايز اتعبك اكتر
قوست ابريل فمها ساخرة لا انسان بصحيح
تبخر صبره أدراج الريح مع استمرارها الممېت لإستفزازه
إذ اعتدل فى جلسته بانفعال وضيق مقلتيه بحدة جذابة وهو يهتف بها متذمرا هو انتي يا تتخانقي وټصرخي في وشي يا تقلبيها تريقة
أدارت ابريل وجهها بعيدا بتوتر حتى لا تأتى حدقتيها المهتزة فى عينيه المثبتة عليها متجاهلة عن عمد نبرة الڠضب في صوته مم جعله يقفز من مقعده ويتقدم في لمح البصر ليجلس قبالتها على السرير.
تراجعت ابريل بجسدها إلى الخلف في انزعاج وعدم ارتياح مما فعله لكنه لم يبالي إذ رفع وجهها إليه رغما عنها بوضع إصبعه السبابة تحت ذقنها ليثبت نظراته على عينيها الواسعتين بريبة من جرأته.
ارتخت ملامحه الحادة قليلا وسرعان ما أنزل يده ووضعها على السرير وأكمل حديثه بصوت حازم وجدي انتي بإرادتك اللي شركتيني في حياتك وبقيت متورط زي زيك .. لحد امبارح كان ارتباطنا خبر فني ارتباط مخرج معروف بمهندسة .. لكن الحكاية وسعت واخدت اكبر من حجمها .. والاخبار اللي اتسربت دي اكيد من حد قاصد يشوه سمعتنا ويأذينا مش انا بس بالتحديد وكمان اللي كنتي مخطوباله
كشف باسم عن أفكاره بإريحية وصوت عال فذهلت أبريل مما يقوله ولم تستطع التظاهر بالجمود أمامه إذ رفرفت برموشها تباعا في دهشة وأجابت بعدم استيعاب انت عايز تقول ان ممكن حد عايز يأذي مصطفي في شغله و هو اللي استغل الاخبار دي عشان يدمر سمعته
قوس باسم شفتيه إلى الأسفل مغمغما بتفكير ممكن كل شئ جايز
هزت ابريل رأسها بعدم اقتناع لتحليله اللحظى وهي تخبره باعتراضها بس..!! ازاي!! محدش كان عارف حاجة عن خطوبتي منه غير اهلي واهله وناس تانية قليلة جدا و مرا...ته
تلعثمت ابريل فى نطق الكلمة الأخيرة پصدمة وهي في وسط أفكارها المتضاربة مالت بجسدها نحوه أكثر كزهرة عباد الشمس حينما تميل بعودها نحو ضوء الشمس محدقة به بعينيها الفيروزيتين المذهولتين اللتين تشبهان عيون القطط ولم تكن منتبهة إلى كف يدها التي وضعتها بعفوية فوق يده على السرير دون سابق إنذار مما أدى إلى تصلبه كالتمثال
تم نسخ الرابط