رواية فراشة في جزيرة الدهب بقلم سوما العربي

موقع أيام نيوز

الفصل الأول
في غرفة ملكية مهيبة وقف من على الفراش الوثير رجل أسمر البشرة طويل الجزع عريض الجرم 
رفع كأسه يرتشف ماتبقى فيه ثم ألقاه بإهمال وقال أذهبي.
تلاشت إبتسامتها المتمنية وحل محلها الصدمة لكنها لم تقوى على الأستفتسار بل وثبت مكانها لكن لم تقدر على الحراك فلم يعجبه تأخرها...
لذا صړخ بصورت عاصف

كاكا.
أمرك سيدي راموس.
ألتف راموس مرة أخرى ثم قال بفتور
خذها من هنا في الحال.
على الفور نفذ كاكا أوامر سيده راموس وأخلى الغرفة تماما.
قصدك إيه يا منة بالكلام ده
قالها شاب في مقتبل الثلاثينات من عمره بحدة لتجاوبة صديقته التي تواجهه وهي ترفع حاجبها الأيمن وتكتف ذراعيها 
قصدي إنك رايلت عليها أول ما شوفتها.
منه خدي بالك من كلامك وماتنسيش إني مديرك شكلك نسيتي قواعد الشغل.
أنا أن كان عليا مش ناسية لكن شكلك أنت إلي نسيت يا مدير تقدر تقولي إزاي عيلة بنت أمبارح حديثة التخرج وماكملتش ست شهور على بعض في الشركة هنا وحضرتك تحطها بالأمر في رحلة زي دي إنت مش عارف العملية دي مصروف عليها أد إيه ولا جمالها وسحر عيونها نساك يا فهمي
وقف فهمي غاضبا وضړب سطح المكتب بكفه ثم ردد بحزم
أنتي تجاوزتي حدودك.. خدي بالك من كلامك وأعرفي أنتي بتقولي إيه والعيلة بنت أمبارح دي شاطرة وسبق وأثبتت كفاءة ولا تحبي أفكرك بالي حصل في كامب السويس أنا ماردتش أعيد وأزيد في الموضوع عشان مايبقاش بعد طول سنين ليكي في الشغلانة وتيجي عيلة بنت أمبارح زي ما قولتي بنفسك وتعلم عليكي .
إرتدت منه خطوة للخلف پصدمة وكأن كلامه كالطلقة التي ردت في صدرها قټلتها وبقت تتنفس بلهاث و غيظ ليردد بلا مجال للجدال
رنا فكري هتطلع معاكم رحلة جزيرة الدهب ...خلص الكلام..أتفضلي على مكتبك .
إلتفت بسرعة و گمد تتجه نحو الباب تفتحه لتغادر لكنه أوقفها بصوته أمرا
منه
إعوجت رقبتها تنظر له دون أن تستدير فقال بما يشبه الټهديد
ياريت مايحصلش مشاكل..فهماني طبعا..
صرت على أنيابها بعداوة ثم غادرت سريعا و بداخلها ڼار متقدة .
في حي شبرا
في أحد البنايات متوسطة المستوى وقفت فتاة معتدلة الطول بجسد ملفوف مصرية القوام وشعر بني طويل تفتح حقيبة سفر كبيرة وتضع فيها ملالسها تغمض عينيها بقلة حيلة وهي تستمع لصوت بكاء والدتها فألتفت لها ليظهر وجهها المستدير وعيونها اللوزية بلون الزيتون الأخضر تبتسم لها تحاول تهدئتها قائلة
يا ماما كفاية حرام عليكي صحتك.
أنا عارفة كان مالك ومال الشغلانة دي بس يا رنا بنتي .. ياما قولت لك ونصحتك أن البن....
قاطعها رنا ضاحكة تكمل عنها
البنت مالهاش إلا بيت جوزها ..عارفة ياماما ..بس انا كمان ياما قولت لك إن مش انا البنت دي أنا عندي طموح وتطلعات لو سمحتي يا ماما ماتقفيش في طريقي.
نظرت لها والدتها بيأس ثم أردفت بقلة حيلة
خاېفة عليكي يا رنا وأنتي حلوة وصغيرة خسارة
خسارة ! يعني لو كنت مش حلوة وكبيرة كنت هبقى مش خسارة ايه اللي بتقوليه ده يا ست الكل 
زمت والدتها شفتيها وقالت
مش قصدي .. أنا قصدي إن فيكي الطمع.
ضحكت رنا بزهو وردت عليها
هاههه..طب خلي حد يقرب مني كده.. ده انا متمرنة كويس قوي ..بنتك يتفات لها بلاد يا حجا صباح الفل ... أنا هروح أسلم على حورية قبل ما أمشي ...سلام.
إلتفت تغادر بحماس تاركة والدتها خلفها تنظر لها بعدم إرتياح لكنها ما تستطيع إيقافها عن أهدافها ولم يعد بيديها سوى التضرع لله بأن يحميها ويحرسها .
في منزل من نفس المستوى 
دقت رنا جرس الباب ففتحت لها سيدة متقدمة في السن تعرج على قدمها وما أن رأتها حتى قالت بحاجب مرفوع
أهلا بخلفة الهنا .
زمت رنا شفتيها بابتسامة عريضة متكلفة و قالت
حتى إنتي يا خالتو أنا عملت إيه بس 
و كمان مش عارفه.. ده إيه البجاحة دي..هي اختي هتتجلط من شوية.
نظرت رنا أرضا كانت تعلم أن خالتها غير متقبلة كل ما يحدث فقالت بضحكة مستفزة متبجحة
طب إيه مافيش ادخلي..اتفضلي يا رنوش ياحبيبتي.. عايزة أدخل.
مافيش دخول وأمشي غوري من قدامي
ليه بس كده ده انا جاية أسلم عليكم قبل ما أمشي يا فوزية .
ضړبتها فوزية على يدها وقالت بحدة
فوزية في عينك يا قليلة الأدب بس هقول إيه مانتي ناقصة رباية ..
يا دين النبي...ياخالتو بقا كفاية بستفة فيا أنا ماشية كمان ساعة .
كادت أن تجيب عليها فوزية لولا صوت أحداهن الذي أتى من خلفهم يردد
إنتي بردو مسافرة يا رنا مش عارفه بجد أنتي في أي في دماغك ...طول عمرك غاوية تسوحي نفسك.
ألتفت رنا لتبصر جارتهم رشا التي تصغرها بعام تقف أمامها تحدثها بضحكة ساخرة فقالت فوزية تثني على رأيها
قولي
لها يا رشا يا بنتي .. أنا عارفة بس بنتي ولا البت الهبلة بنت أختي دي ما طلعوش زيك ليه
تنهدت رنا وقالت 
ماعلش بقا يا جماعه.. أصل ربنا وزع الأرزاق ماحدش عجبه رزقه ..وزع العقول كل واحد عجبه عقله وأنا
عقلي
عاجبني قوي
ضحكت رشا بسخرية وتقدمت تدفع رنا معها للأمام ثم قالت
على رأيك ...تعالي تعالي ..تعالي ندخل للمخبولة التانية ..ماعلش يا طنط فوزية سبيها تدخل المرة دي عليا.
عشان خاطرك بس يا رشا لكن أنا لو عليا الود ودي أجيب شعرها تحت رجلي يمكن ترتجع عن إلي في دماغها...
ثم تركتهم وذهبت تكمل متابعة مسلسلها الهندي المفضل بينما تقدمت رنا و رشا لغرفة حورية.
ههههه يا مچنون حد يعمل كده.
فاقتربت رنا منها ونزعت الغطاء فجأة ليظهر وجه حورية آلتي كانت حقا إسم على مسمى وجهها كالدائرة وملامحها صغيرة دقيقة عيناها عسلية شعرها قصير يصل بالكاد لأول كتفها 
ترجلت من على الفراش و وقفت أمامهم معترضة تردد
إيه ده في إيه ما براحة .
نظرت لها رنا بضيق و قالت
قاعدة أنتي هنا تحبي في التليفون وسايبة أمك تبهدلني برا .
زمت حورية شفتيها ثم رفعت الهاتف على أذنها وقالت بهمس رقيق
عصفور حبيبي هقفل معاك دلوقتي وأرجع أكلمك تاني .
صمتت تضحك بخفة ثم قالت
ايوة هي رنا .... هههههه باي يا عصفوري .
ثم أغلقت الهاتف وهي تتنهد بهيام بينما قالت رشا بنزق
أه ياختي ما ليكي حق .. ناس تاخد محمود الفرفوش الصغير الي بيعشق السفر والروشنة و الخروجات وناس تانية يتقدم لها زيدان الكبير إلي دراعة سابق دماغه ...حظوظ.
نظرت لها حورية و رفعت أصابعها الخمس في وجهها بينما تردد پخوف
خمسة و خميسة في عينك ..هتحسدينا يخربيتك... وبعدين في إيه مش أبن عمك وأنتي أولى بيه.
يعني هو زيدان هو إلي إبن
عمي بس ما في غيره.. أنا عارفة بس أيه سر التصميم على زيدان
ما يمكن بيحبك
قالتها حورية مفكرة فقالت رشا
وهو زيدان ده بيعرف يحب ...شوفي أنا بنت عمه وعايشين مع بعض في بيت واحد أهو إلا عمري في يوم ما شوفته بيتكلم براحة ولا حتى بيضحك ... لأ لأ... أنا رفضته خلاص...طبعا مش موافقة ... ده أنا و أخواتي وكل بنات عمي بنخاف منه ..حتى واخواتي الولاد و ولاد عمي بردو بيخافوا منه زي أعمامي و أكتر ... قال زيدان قال .. ليه هو العمر بعزقه
زمت رنا شفيتها بأسف ثم قالت
بصراحة... عندك حق ..حتى البنات في المنطقة كده .. أنا سمعت من ماما إن أمه أتقدمت لكذا واحده وكلهم رفضوا بعد ما أنتي رفضتيه بيقولوا طبعه صعب وكمان ... بصراحه...كبر في السن.
أكملت حورية تردد
ومين سمعكوا ده حتى محمود بېخاف منه و بيقول إن ابوه خاېف لايكون عنس زي البنات و ليل نهار وزيدان پيتخانق معاه .
عوجت رشا فمها وقالت ساخرة
بس في دي بقا يمكن زيدان معاه حق فيها ... أصل ماتزعليش مني يا حورية أنتي حبيبتي وكل حاجة بس محمود ده لاسع قوي ولحد دلوقتي مش ماسك شغلانة هيفتح بيت إزاي ده بالذمة لأ لأ... أنا شايفة إنه مش عريس كويس خالص.
تطلعت لها حورية بضيق وسألت
هو مش ده محمود إلي كنتي لسه من شوية بتحسديني عليه دلوقتي بقى وحش وزيدان عنده حق مش ده زيدان إلي دراعة سابق دماغه 
لم تكد حورية تنهي جملتها حتى أنتبهن ثلاثتهن على صوت صياح غاضب أتي من الخارج فركضن باتجاه الشرفة ليظهر لهم ما يحدث بالشارع .
وشهقت كل منهن بحزع وهن يبصرن رجل عريض المنكبين غليظ الذراع يوليهم ظهره وهو يقبض في يده على تلابيب أحد الشباب و لجواره ثلاثة من أصدقاء الشاب ېصرخون فيه پغضب
خلاص يا معلم زيدان ماجراش حاجه لكل ده
ماجراش إزاي.. ده بيعلي صوته وأنا واقف .
عندي أنا دي يا كبير... سيبه بقا الواد مش حملك..أكبرلنا عيب أحنا في منطقتك وبعدين أنت متفق معانا تسلمنا الشغل أول الشهر وده عريس و فرح متحدد
فهتف زيدان بإنفعال
وهو أول الشهر كان جه
بعدها ترك الشاب يسقط من بين يديه ثم قال
أنا هسيبه يروح وانسى غلطه فيا وفي عمالي عشان خاطر أبوه وعشان أنا بفهم في الأصول بس تعاملي مش هيبقى معاه و أنت إلي هتيجي تستلم العفش مني... آمين 
نظر الشاب لرفيقه المتسبب في كل ماحدث بسبب لسانه الفالت ثم تطلع لزيدان بخزي وقال 
آمين يا معلم زيدان.. عداك العيب... سلام عليكم.
بعدها تحركوا مغادرين ولم يجرؤ أي منهم على التفوه بحرف زيادة .
وتقدم والده يقف بجوراه ويضع يده على كتفه فالتف له زيدان ليظهر وجهه المنحوت كتمثال لرجل مصارع يزيد عليه لحيته الكثيفه و عيونه الثاقبةثم ردد بعدم رضا
ما
كان من الأول..لازمته إيه إلي حصل ده بس
يعني أنت ماشفتوش ياحاج كلمني إزاي ولا انا بفتري.
زم الرجل شفتيه بضيق ثم نظر على الناس وهم يطلعون عليه وعلى نافعله فقال
طب تعالى ... تعالى ندخل جوا الناس بتتفرج علينا يالا بينا..
زفر زيدان بضيق و تحرك معه منصاعا لأمره.
في أعلى نقطة بالجزيرة
أضطجع على مقعده و بقى يتطلع للسماء يلاحظ شكل القمر و هو بدر في تمامه وجلس يطالعه بصمت ...
صمت طويل
لم يزحزح عينه من
عليه تقريبا إلا بعدما أقترب أحدهم وقال بصوت هادئ
أنه البدر في تمامه سيدي.
ألتف ونظر بصمت لتلك السيدة السوداء قصيرة الطول ممتلئة القوام وهي تقف أمامه وتنظر له بحنان ثم أقتربت و وقفت على مقربة منه أكثر ثم سألت بشفقة 
لما طردت الفتاة
لم يجيب عليها وعاد ينظر أمامه للسماء بعيدا عن البدر فعادت تستفسر
ألم تعجبك هي الأخرى
أسبل جفناه لثواني وهو يتنهد بحزن ثم قال
يبدو إنني قد كتب علي أن أملك كل شيء إلا ما أحب .
صمت لثواني ثم إلتف لها يسأل
أتظنين أنها لعڼة
ردت بلهفة
لا لما
لا أعلم ...لا أجد راحتي مع أي فتاة.
وقف من مكانه و وضع يديه في جيوب سرواله و تمشى في المكان ينظر على البحر بينما يردد
من كل الحريم التي
 

تم نسخ الرابط