رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

موقع أيام نيوز


مغلقة رغم أن الوقت لم يتأخر كثيرا بعد ! .
لا أثر للخادمة سماح ولا صوت ينبعث من المطبخ مما أكد له أنها نامت بوقت مبكر الليلة فتنهد الصعداء بقوة وراحت الذكريات المؤلمة تسير أمام عيناه كأن الزمن يعيد نفسه من جديد 
كيف أصبح المنزل تسكنه الكآبة والتفكك كصحراء قاحلة لا أثر لوجود الحياة بها ! .. لا يدري من المتسبب في ذلك الخړاب بنفوسهم هل أمه وبأفعالها الشنيعة .. أم هو بأخطائه التي لا تغتفر حين صمم على الزواج من فريدة رغم رفض الجميع للفكرة وعندما أصر أيضا على الزواج من جلنار فقط كيدا بأمه .. لينتهي به المطاف في النهاية هو الخاسر الوحيد .. وهو على مشارف خسارة طفلته وكذلك المرأة التي لو قضى بقية عمره كله يبحث عن شبيه لها لن يجد .

ربما لم تكن أسمهان هي وحدها الجانب السيء بالحكاية .. هو أيضا كان يملك جانبا وربما أسوء منها !!! 
مسح على وجهه وهو يتأفف بحرارة ثم تحرك بخطوات طبيعية للطابق العلوي حيث توجد غرفة أمه .. فتح باب غرفتها ببطء شديد ودخل فوجدها نائمة في فراشها بسكون .. الټفت برأسه للخلف واغلق الباب بكل حذر ثم اقترب منها ليجلس على حافة الفراش بجوارها ويتمعن في معالم وجهها الضعيفة الذي ذهب رونقها وقوتها .. لم يكن السن يظهر عليها أبدا كأنها كانت تستمد قوتها وبأسها من وجودهم معها لكن حين تركوها فقدت كل هذه القوة وعادت لطبيعتها ! .
مهما فعلت ستظل أمه ومهما وصل مقدار غضبه منها لن يستطيع
التحكم في قلبه الذي يشتاق لها كثيرا .. يبدو أنها النهاية وكما هي نهاية كل شيء يجب أيضا أن تنهي الخړاب وتعيد تعمير الصحراء من جديد .
دون أن يقترب منها أو حتى يلمسها فتحت عيناها وكأن فطرتها الامومية نبهتها خلال نومها بوجود ابنها فور استقرار عيناها عليه هتفت بدهشة 
_ عدنان !!! 
وثبت جالسة فورا وهي تبتسم بسعادة وتقول بتلهف 
_ إنت كويس ياحبيبي 
ابتسم لها بحنو ثم مد كفه يلتقط يدها ويحتضنها هامسا 
_ أنا كويس ياماما .. المهم إنتي تكوني كويسة 
غامت عيناها بالعبارات واجابته ببحة عاجزة وضعيفة 
_ أنا كويسة طول ما أنت جمبي وبخير ياعدنان 
نظراته كانت دافئة كلها حب خالية من أي مشاعر قسۏة أو ڠضب بهذه اللحظة فقط تأكدت أن عزيزها وابنها عاد مرة أخرى لا يمكنه تخيل لكم تمنت واشتاقت لنظراته تلك ! .
وجدته يرفع كفها لشفتيه ويقبل ظاهره هامسا 
_ أنا دايما جمبك ولا يمكن أسيبك ياماما
_ أنا وآدم هنفضل دايما جمبك ومن هنا ورايح لا يمكن نسيبك تاني .. بس إنتي كمان توعديني إنك تتغيري بجد ومترجعيش أسمهان القديمة أبدا 
أسمهان بنفي قاطع وصدق نابع من صميمها 
_ لا يمكن اكرر الغلط مرتين واخاطر بخسارتكم مرة تاني .. كفاية وقوفي في صف فريدة اللي مش هقدر اسامح نفسي عليه أبدا 
فور ذكرها لاسم فريدة تشنجت معالم وجهه وهتف بحدة وڠضب 
_ ال دي اسمها ميتذكرش ياماما وبالأخص قدامي 
أسمهان معتذرة بضيق من نفسها 
_ أنا آسفة ياحبيبي .. اوعدك محدش هيجيب سيرتها ولا يذكر أسمها تاني أبدا 
سكتت للحظات وتابعت مبتسمة 
_ هنا وجلنار عاملين إيه 
عدنان ضاحكا بعدم حيلة فور تذكره لحدث الصباح وقال 
_ كويسين .. القردة الصغيرة دي تعباني هلاقيها منها ولا من أمها ! 
قهقهت بخفة وقالت بود ودفء 
_ بتدلع عليك حقها ياعدنان .. ولو على جلنار فهي بتحبك جدا 
_ أيوة عارف ياماما وأنا والله بحبهم .. حياتي من غيرهم ملهاش طعم أساسا ومقدرش اعيش لو بعدوا عني للحظة واحدة 
رتبت أسمهان على كتفه بلطف وتمتمت بعينان تفيض حنانا 
بعد مرور ساعتين تقريبا بالضبط في تمام الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل ....... 
كان عدنان يقف بسيارته أمام منزل نشأت وعيناه عالقة على بوابة المنزل ينتظر خروجته رمانته وفي شفتيها ابتسامة واسعة حتى رآه خرجت وتسير باتجاه سيارته وهي ترتدي بنطال جينز يعلوه كنزة طويلة وفضفاضة بأكمام طويلة وتترك شعرها الأسود يتطاير على ظهرها .
فتحت باب مقعدها الخاص بجواره بالسيارة واستقلت به هاتفة بحيرة 
_ في إيه ياعدنان وليه خلتني اسيب هنا مع بابا في البيت ! 
عدنان باسما بكل بساطة 
_ مينفعش نجيب هنا معانا ياحبيبتي 
ضيقت عيناها بريبة وسألت 
_ ليه !! 
غمز لها بلؤم ورد وهو يحرك محرك السيارة وينطلق بها 
_ قررت اخطڤ رمانتي الليلة دي 
ضحكت وردت بدلال مثير 
_ وياترى هتخطفني فين بقى يابيبي !
عدنان 
_ فاكرة الشقة اللي على النيل 
اتسعت مقلتي عيناها پصدمة وصاحت به بعدم استيعاب 
_ بتتكلم جد .. الله أنا بحبها أوي الشقة دي ياعدنان ووحشتني من بدري أوي مروحناش هناك
تطلع بعيناها في لمعة مميزة وقال 
_ فاكرة أول مرة روحناها 
التزمت الصمت للحظات فور تذكرها للحظاتهم الأولى معا بتلك الشقة .. وارتفعت
 

تم نسخ الرابط