رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

موقع أيام نيوز


التأخير لكنه تسمر بأرضه في ذهول عندما وجدها تفتح الباب وتغادر المنزل تسير باتجاهه في خطوات متريثة وناعمة مثلها .
كانت ترتدي ثوب أسود اللون طويل وضيق يندرج بفتحة مثلثية من القدم حتى الركبة ومن الأعلى حمالات عريضة فوق كتفيها تنزل بشكل دائري عند الصدر .. أما من الخلف فكانت فتحة الثوب واسعة تصل لمنتصف ظهرها .. وتترك شعرها الأسود الحريري ينسدل على ظهرها من الخلف تاركة بعض الخصلات المائلة أمام عيناها .

كانت تسير نحوه برقة معهودة منها وبقدمها ترتدي حذاء مرتفع من نفس لون الثوب تطرق به فوق الأرض في سيرها بشكل مثير .
هي كلها كانت كتلة من الجمال الصارخ لم يكن يتخيل أن الاسود يليق بها هكذا .. بل لا يتمكن من رفع نظرها عنها حتى فهيئتها مٹيرة ورائعة سلبته انفاسه في لحظة .
وصلت إليه أخيرا لتقف أمامه بشموخ دون أن تبتسم حتى بينما هو فانخفضت عيناه على طول جسدها يتفحصها بإمعان في ذلك الثوب المثير لترتفع نظراته تدريجيا من أخمص قدميها حتى وجهها الخالي تماما من أي مساحيق جمال فقط تزين شفتيها بأحمر شفاه خفيف .
ابتلع حلقه الجاف وقال باسما بإعجاب وهيام 
_ لولا إن المطعم مش هيكون فيه غيرنا مكنتش خليتك تطلعي باللي إنتي لابساه ده أبدا 
جلنار پغضب بسيط 
_ ماله فستاني !!!
عدنان بعينان تتفحصها بجراءة مبتسما 
_ إذا كان أنا وعملتي فيا كدا أمال لو طلعتي قدام الناس هيحصل إيه ! 
تأثرت قليلا بكلماته لكنها لم تظهر حيث ردت بصرامة 
_ إنت قول الحمدلله إني وافقت أخرج معاك أصلا 
عدنان ببرود يحسد عليه بعدما فهم أنها تتعمد إثارة غضبه 
_ الحمدلله .. مش يلا بقى ولا إيه يارمانة اتأخرنا
تأففت بخنق من كلمته المشهورة رمانة وسارت باتجاه السيارة فكانت خطواته هو اسرع منها حيث وصل قبلها وفتح لها باب المقعد المجاور له يبسط كفه مشيرا للداخل .. فوقفت وتطلعت إليه رافعة حاجبيها بابتسامة قبل أن تمسك بثوبها ترفعه قليلا وترفع ساقها الناعمة والجميلة حتى تدخل وتجلس بالمقعد وتتابعه بعد أنا اغلق الباب والتف للجهة المقابلة يصعد بجوارها وينطلق بالسيارة .
كان العشاء بأحد افخم المطاعم وحين دخلت معه كان المكان فارغ تماما لا يوجد به أي طاولات ولا وجود لأي زبائن وفقط بالمنتصف وضعت طاولة متوسطة الحجم وحولها مقعدين مقابلين لبعضهم والأضواء كانت بنية خاڤتة وصوت موسيقى رومانسية هادئة تملأ المكان .
التفتت برأسها إليه وقالت بدهشة 
_ إنت حجزت المطعم ده كله علشانا احنا بس !!! 
انحنى على أذنها يهمس في عاطفة 
_ تؤتؤ عشانك ! 
مالت برأسها للجانب وحدجت في لمعة عيناه الجديدة بعمق وفورا اشاحت بوجهها بعد أن أحست بأن الابتسامة ستخدعها وتنطلق فوق ثغرها .. ثم سمعت همسه الخاڤت مع ابتسامته 
_ تعالي نقعد يلا
سارت معه نحو الطاولة الوحيدة المتبقية بالمطعم وقبل أن تسحب مقعدها كان يسحبه

________________________________________
هو لها بأسلوب راقي .. هنا فشلت في إخفاء ابتسامتها التلقائية التي شقت طريقها لثغرها وجلست فوق المقعد ثم ابتعد هو والتف ليجلس فوق مقعده يتابعها وهي تتجول بنظرها في أرجاء المكان كله معادا وجهه .
فجأة صدح صوت رنين هاتفه الموضوع فوق سطح الطاولة فتطلع لشاشته يقرأ اسم المتصل ثم جذبه واستقام واقفا يسير مبتعدا عنها ليجيب بغلظة 
_ عملت إيه 
رد الطرف الآخر بخبث وشيطانية 
_ كله تم زي ما أمرت ياباشا مش فاضل غير أوامرك بس عشان ننفذ فورا 
أظلمت عيني عدنان بشكل مخيف وغمغم في صوتا مريبا ومخيفا بعض الشيء 
_ تمام انتظر مني الإشارة مش عايز أي غلطة ولا عينكم تغفل للحظة 
_ اطمن ياباشا كله تحت السيطرة
انهى الاتصال فهو ليس بوقت يسمح له بالانشغال بهذه الأشياء الآن .. وضع هاتفه في جيب بنطاله وعاد لها ليجلس فوق مقعده من جديد .
كان يعم الصمت القاټل بينهم لا يسمع سوى صوت الموسيقى من حولهم .. هي لا تنظر له وهو يتأملها بعمق حتى وصل نادلين أحدهم يحمل صينية واسعة فوقها صحون الطعام والآخر كان يقف بجوراه يلتقطت الصحون ويضعها أمامهم فوق الطاولة بانتظام وبعد انتهائه ارسل لهم ابتسامة عذبة في رسمية قبل أن يستدير وينصرف .
كانت الأغنية رومانسية هادئة تجعلهم يتحركون معها بتناغم ورقة وبعد دقيقة من الصمت سمع أخيرا همستها القوية بنظراتها الثاقبة كنظراته تماما كأنها تعلمتها منه 
_ ليه !! 
_ هو إيه اللي ليه ! 
جلنار بتوضيح أشد 
_ ليه بتعمل ده كله ياعدنان !! 
تنهد بقوة وغمغم في صوت رجولي جاد دون أن تزين شفتيه أي ابتسامة 
_ بحاول اعوضك بكل شكل ممكن .. صحيح أدركت خطأي وندمت متأخر بس ده ميمنعش إني احاول اصلح الغلط ده
لمعت عيناها بالعبارات ليس لجمال كلماته ولكن لذلك الوضع الذي يعاني كلاهما منه ..
 

تم نسخ الرابط